إن هذا الجسر الذي يصفه إيفو اندريتش بأنه “لا مثيل لجماله” والذي يدهش المرء وجوده في مدينة فيشيجراد البعيدة، هو الشخصية الرئيسية في هذه القصة وهو المحور الذي يربطه أجزاء الكتاب بعضها ببعض، ويوحد بينها، فالفصول التي يتألف منها الكتاب هي أقاصيص تتصل جميعاً بجسر درينا. وتتوالى الحوادث التاريخية لهذه الأقاصيص عبر القرون، متنوعة أشد التنوع، لكنها مرتبطة دائماً بجسر درينا، والتاريخ يمتزج بها بدراميات عاطفية ومآس عائلية، وأحداث شخصية، فكأن الوقائع التاريخية ليست إلا ذريعة يتخذها المؤلف ليصور من خلالها النفس الإنسانية في أعمق أعماقها. وما أعمق نفاذ إيفو أندريتش إلى النفس الإنسانية، وما أقوى براعته في رسم الوجوه النفسية حتى كأنك تراهم ببصرك وبصيرتك معاً يصاحبون خيالك إلى الأبد، لا تنقص منهم سمة، ولا يخبو فيهم لون. والكتاب، بعد، يتنفس أنساماً حزينة أسيانة، ويترقرق فيه تعبير عن موقف من الوجود والحياة… موقف من لا يستطيع إلا أن يحس بأن في الحياة والوجود “شرّاً في ذاته”، شراً لا يعلل ولا يفهم ولا يبرر. ولعل حياة الجسر نفسه، رمز إلى هذه النظرة الأسينة. إن المؤلف يضحك ويُضحك، لكنك تسمع في قرقعة ضحكه نفسه آهات توجع.ـ
General Safety Warning: Products sold by ADAM MEGASTORE may be intended for Adult Collectors. Products may contain sharp points, small parts, choking hazards, and other elements not suitable for children under 16 years old.